عرض المقال
الحكومة أخذت تفكر وتفكر
2013-08-13 الثلاثاء
هناك فرق بين التأنى والتعنى! فنحن موافقون على أن تتأنى الداخلية والحكومة فى وضع خطة فض الاعتصام والأهم هو وضع خطة مواجهة الإرهاب ككل سواء كان اعتصاماً فى رابعة أم اقتحاماً وتخريباً فى سيناء، ولكن التأنى للأسف قد تحول إلى «تعنّى»! فالحكومة والداخلية عندهم بالبلدى «تعنية» وهو اضطراب يحدث فى الجهاز الهضمى مقتبس من كلمة معاناة فيظل المريض يعانى لمدة ساعة فى بيت الراحة والنتيجة خواء (للتأكيد فقط الكلمة بالواو وليست كلمة على وزنها)، ولا منه المريض ارتاح ولا منه أخرج إلى الوجود شيئاً ذا قيمه! يد مرتعشة، رؤية ضبابية، غياب لانضباط المصطلحات، فالإرهاب وقطع الطرق والترويع ودروع الأطفال والسيدات البشرية وخرسانات بارليف ومتاريس الحواجز ومولوتوف الخيام يطلقون عليه اعتصاماً سلمياً، الإخوان الإرهابيون يسمونهم أنصار المعزول، المجرمون الخونة القتلة فى سيناء يصفونهم بالجهاديين!! هناك فرق بين التروّى والموت الإكلينيكى، هناك فرق بين الكياسة والتناحة، وفرق بين التخطيط والجلد التخين، وبين حسن التقدير وغلاسة التأخير! الناس زهقت والرسائل والإيميلات والتعليقات سواء الشفوية أو الكتابية التى تصلنى تدل جميعها على أن الناس طهقت وعلى حافة الانفجار من البطء والتراخى والأنتخة الحكومية التى يتم التعامل بها مع غياب الأمن والفوضى وتصدير الإحساس بالذنب إلى الشعب الذى عزل الإخوان وكأننا نحن من ارتكبنا الذنوب والخطايا طيلة العام الماضى وليس الإخوان! من ضمن الرسائل الزهقانة الطهقانة رسالة من الأستاذ د. خالد الرخاوى أستاذ جراحة العيون المتميز بطب القاهرة والتى يقول فيها:
«من البديهيات أن تأتى الألف قبل الباء والباء قبل الجيم وهكذا.. الطبيعى أن يكون التفكير أولاً ثم الوصول لاقتراح مبدئى ثانياً، ثم استشارة المقربين والخبراء وأخذ موافقتهم على الحل المقترح أو وضع بدائل لذلك الحل ثالثاً، ثم الاتفاق على الخطوات رابعاً، ثم إعلان الحل النهائى باسم الجميع خامساً، ثم أخذ تفويض الشعب على ذلك الحل كملاذ أخير سادساً، أما ما حدث فى المحروسة فهو الخطوات المعكوسة فى كل شىء!! طلب التفويض والإعلان عن نية الهجوم أولاً، وبعده استشارة المقربين والخبراء، ثم يأتى التفكير والحيرة فى النهاية، وها نحن فى مرحلة: «وأخذ يفكر ويفكر ثم راح يفكر ويفكر» بينما الطرف الآخر يقوّى تحصيناته ويزيد الأمر صعوبة.. مأزق حقيقى لم يتسبب فيه سوى التسرع (on an impulse) فى اتخاذ قرار وإعلان طلب التفويض قبل التفكير وبالطبع قبل التشاور!! أما الشعب فلم يكن لديه خيار.. كان لا بد من النزول استجابة لطلب التفويض (الغامض)، وكذلك نزلت أنا ونزلت أسرتى كلها حتى لا ينتهى اليوم ويظهر أن القوى المؤيدة للإسلام السياسى عددها أكبر والحمد لله فقد تحقق الحشد العظيم.. ولكن راحت السكرة وجاءت الفكرة وشملتنا الحيرة وعدنا إلى الاعتراف بضرورة (التفكير أولاً)».
انتهت الرسالة ولم تنته الدلالة، الغضب وصل إلى الحلقوم والناس عملت اللى عليها وفوضت، والجماعة أسفرت عن كل تفاصيل ملامح قبحها ودمامتها، ولم تعد هناك ورقة توت تستر عورتها، ومشروع أمريكا للتفتيت صار واضحاً للأعمى، فماذا ننتظر حتى نبنى هذا البلد الذى من الواضح أننا لا نستحقه؟